الثلاثاء، 22 فبراير 2011

حكايه بحر.


تحت ضوء القمر وسط ليل قد أُسدلت ستائره بين أمواج البحر الهادئه.
تجلس فتاه رقيقه فى قاربها الصغير كعادتها كل ليله مذ ان كانت طفله بريئه مستمتعه بجمال أمواجه تتأملها كثيرا بنظراتها العاشقه  .
 ترمقه مبتسمه , تتذكر أجمل ذكرياتها حينما كانت صغيره مع أحبتها وأصدقائها لتلعب وتلهو على شاطئه وتبنى قصور من رماله فتارة تبني قصراً جميلا وتارة بيتاً تحيطه حديقة صغيرة وتعوم وسط أمواجه.

تتذكر تلك الأيام فتعلو دقات قلبها من سعادتها الغامرة وفرحها فتمد يدها  خارج القارب لتداعب أمواجه فتعلو ضحكاتها وتزداد سعادتها .
فكم تعشقه و لطالما باحت له بهمومها وأحزانها وقصت عليه أفراحها وأحلامها فهو صديقها وحبيبها الذى تثق به وترتاح اليه ولا تجد من يحتضنها بدفئه وينصت اليها سواه ولا تشعر بالاطمئنان والحب الا معه ولا تجد راحه فى الحديث الا اليه.

وفى هذه اللحظه وهى تسترجع تلك الذكريات الجميله شعرت بنفحات هواء بارده  وبدأت امواج البحر تصطدم  برقه بقاربها الصغير.
فاحست حينها بانه يناجيها ويطمئنها ويتحدث اليها ويسترجع زكرياته معها 
فابتسمت اليه وقالت له:

كم احبك ياصديق عمرى ,
لا ادرى كيف اوصف ذلك الحب , هل هو حب ام عشق ام جنون
فقد اعتدت حبك مذ ان كنت لا احمل للدينا هما
تنفست عشقك وانا اجرى والهو ع شاطئك
كلما كبرت زاد عشقى وولعى بك
اصبحت اشعر وكاننى
 موجه من امواجك
قطره من قطراتك
حبه من حبات رمالك
نجمه من نجمات سماؤك
لم اكن اعلم انى احبك هكذا
لولا تك السعاده الغامره التى اشعر بها حين رؤيتك
ولولا تلك الايام الجميله التى لا ازكرها الا معك
حقا لا اريد بغيرك صديق...

ثم تتوقف عن حديثها له , تتامل تمايل تلك الامواج , والبسمه لا تفارق شفتيها.
ثم تعود بذاكرتها لاجمل ايامها عندما كانت تاتى هنا فى ذلك المكان مع ابيها ليجلسا معا ليتحدثان ويلعبان ويجريان.
تتذكر حين كانت تتامل  ابيها وهو يصطاد اجمل الاسماك من اعماق البحر,
كم تعلمت منه الصبر والحكمه وكم تشربت من حنانه وعطفه.

تتذكر كل هذا ودقات قلبها تكاد تنطق وتبوح بعشقها للبحر فهو من حمل كل هذه الزكريات بين امواجه.
 بلغ عشقها له ذروته ,  حتى باتت ولا يمضى يوم إلا وهو رفيقها يشاركها أفراحها وأحزانها , طموحاتها وأمالها , همساتها وكل حياتها.

...
وبينما كانت تسترجع شريط زكرياتها الجميل,
 فاذا بقاربها يهتز بقوه والجو يزداد بروده والامواج تعلو تكاد تدخل قاربها الصغير,
تنظر بدهشه الى البحر وكانها تعاتبه وتلومه  عما يحدث,
ولازالت الامواج تشتد وتصطدم بقاربها الصغير تكاد تحطمه,
 فتشبثت بقاربها حتى بدت علامات الخوف والقلق والدهشه على وجهها وترقرقت من عينيها عبرات تائهة ثم نظرت إليه
 متعجبه قائله:

ماذا يحدث, ماذا تفعل بى , هل أنا في سبات غارق تحيطه كوابيس هوجاء
 أتريد اغراقى بين أمواجك المتلاطمه, أتريد أن تقتلنى , ماذا تريد منى ..؟
مامن سبب اخر امامك لتقوله لى غير انك تريد القضاء على ولكن لماذا ..؟
أهذا جزاء حبى لك أم جزاء ثقتى بك, أم هو انتقام لأني أهديتك حبي وقلبى.
اجبنى ...!!

ولا تلقى جواب منه ليطمئنها..!!
ثم هبت رياح قويه حطمت مجاديف قاربها الصغير فظلت متشبثه به والخوف يكاد يقتلها
وما ان تهدا تلك الامواج حتى تعود اشد قسوه تتلاطم بقاربها  وتزداد من حين لاخر ومن سئ لاسوا
حتى حطمته فلم يتبقى منه سوى اشلاء صغيره.
ظلت متمسكه بتلك الاشلاء,,
صوت الرعد يخيفها
وغدر البحر يحيرها
وقوه الرياح تقتلها
ظلت حائره ومتعجبه لما انقلب هدوء البحر لثوره ولما انقلبت تلك النسمات الرقيقه لعاصفه  !
واخذت تمضى فى صراع مع الهلاك,
زحف اليأس الى نفسها وتسرب الرعب والخوف لقلبها ,
لا تدرى كيف سيكون مصيرها فهل تموت بسبب ذلك الحب ام ربما سينقذها قدرها .
ظلت متمسكه بتلك القطعه الخشبيه المتبقيه من اشلاء قاربها الصغير
ولكن ذلك لم يدوم كثيرا, فالبحر قد عزم على الانتقام منها.
اكثر من امواجه الشديده حتى دمرت تلك القطعه الخشبيه فاصبحت عائمه بين امواجه المتلاطمه.
وبعد فتره طويله وقعت عينيها على جزيره صغيره وسط البحر.
ظلت تعوم نحوها  وهى خائفه من امواجه الهادره
واخيرا استطاعت الوصول اليه
وما ان وصلت حتى لم تعد تدرى بجسدها فقد انهك من شده التعب ففقدت وعيها
وظلت هكذا لفتره قصيره
ثم افاقت من غفوتها
 ولا يزال سواد الليل يبتلع بقايا النور والامل بداخلها
ظلت صامته  تنظر اليه والى امواجه الهوجاء بنظره خوف ممزوجه بغضب
ثم شرعت فى الحديث اليه قائله:

عجيب امرك ايها البحر
ماذا يحدث
كم من السنين مرت علينا ونحن احباء
كم تمسكنا برباط الصداقه وكنا اجمل اصدقاء
كنا معا فى الشده اقوياء
والان نحيا بين صفحات الزمن ضعفاء
وسط تلك الامواج الهوجاء
اصبحنا كالغرباء
تنظر الى وكاننا اعداء
بعد ان كنت تلبى لى النداء
اذا كنت لا تريد ان نظل اعزاء
ارجوك اجعلنا نلتقى غرباء ونفترق احباء

ظلت تتحدث اليه متعجبه مما يحدث متسائله هل هذا هو البحر الذى اظهر لها الود والحب وفتح لها زراعيه واحتضنها بقوه واعطاها دفئه وحنانه  وجعلها مندفعه للغوص فى اعماقه .
هل هذا من وثقت به واعطيته مفتاح قلبها وعقلها وروحها وكل حياتها
ظلت تتسائل وتتسائل لكن دون جدوى,
ثم نظرت حولها فوجدت نفسها وحيده
كانت تلك هى اول مره تشعر بالوحده وهى جانبه.
قد انقطعت كل سبل النجاه فقد تحطم قاربها الصغير وتحطم قلبها مما حدث
جلست تفكر ماذا تفعل وكيف تتصرف

اضاء نور الامل قلبها لكنه سرعان ما تحول الى الم يفتك بروحها
وجدت نفسها وحدها لا رفيق لا حبيب حتى الصديق قد تخلى عنها
شعرت ولاول مره بسواد الليل بعد ان كانت تراه جنه وسط امواج البحر الهادئه
شعرت بالخوف من امواج البحر بعد ان كانت لا تطمان الا بوجودها معه
الدموع تنهمر من عينيها ولا تملك ان توقفها
قلبها يتمزق, مشاعرها تتدمر
اصبحت كالطير الجريح
كالفراشه المكسور جناحيها
كالزهره الذابله
لا تدرى ماهى نهايه جراحها

اخذت تصارع ذلك الياس بداخلها  حتى قررت صنع قارب جديد لتكون وسط البحر وتستطيع مواجهته بكل مافعله بها
بدأت تبحث عن اخشاب فى تلك الجزيره حتى وجدت بضع منها
ظلت طيله ثلاث ليال تصنع ذلك القارب حتى خارت قواها فلم تعد تشعر بجسدها ولا روحها
واخيرا تمكنت من الانتهاء من صنعه
ونزلت بين تلك الامواج المتلاطمه الهوجاء لتواجه البحر وتحدثه وتسئله عما حدث منه تجاهها
ظنا منها انه سيشعر بحبها وسيندم على ما فعل
لكنها لم تجد سوى تلك الامواج تتطلاطم بقاربها تكاد تحطه من جديد
وكان البحر قد اصر على اغراقها
اصبحت حائره لا تدرى مابها وماذا تفعل
يتغلب خوفها عليها فتهرب الكلمات من بين شفتيها,
اخذت تجدف لاتدرى الى اين تتجه حتى وقعت عينيها على الشاطئ
عقلها يحدثها بان بامكانها النجاه ان تركته وذهبت للشاطئ
ولكن قلبها يمنعها فكيف تترك حبها وعشقها وكيف ستنجو بحياتها من غيره فهو كل حياتها.
فهى رغم كل ماحدث لازالت تحبه وتعشقه
بل انها ظنت بانه غاضب منها وشكت فى انها هى السبب فى كل مايحدث


عاودت النظر الى البحر والدموع ملات عينيها الجميلتين ,

 وظلت حائره مابين حديث عقلها ودقات قلبها....

 /
\
/

تمت بقلمى..!
15/2/2011 

شكر خاص  للاخ Casper على مساعدته

هناك 6 تعليقات:

  1. السلام عليكم
    ***
    ماشاء الله
    قصة رائعة
    انا لكم اعشق البحر فى الغروب او بعد العصر
    احس بالامل عندما انظر له
    لكن فى الليل اجده موحش كوحش كاسر
    وبامواجه المتراطمة وبصوتها يخيفنى

    حتى قلت ذلك لابنه عمتى مش بحب اخرج الا بعد العصر وارجع المغرب بيتنا :))
    لقيتها تضحك سعتها ضحكة وتقولى يا بنتى الناس اصلا مش بتخرج الا العشاء ومعرفش ايه اللى خرجنى معاكى دلوقتى

    لا فعلا انا احب النهار واخاف من الليل
    كما حدث مع بطله القصة لاامان لبحر بالليل

    ***

    ملحوظة صغننة
    زكريات ليست ب (ز) بل ب ( ذ ) فتكون ذكريات

    خطأ نحوى برضه قابلنى
    حقيقة انا منذ وقت لا ادقق بالنقد الاعمال لكن هذا وضح قدامى
    ((نجمات سماؤك))
    الصواب سمائك

    بارك الله فى قلمك الجميل
    وبالتوفيق

    ردحذف
  2. قصة جميلة واستكمال لمسيرة ابداع وتميز
    لا شكر على واجب

    _______

    بالتوفيق دائما

    ردحذف
  3. السلام عليكم ،

    حلوة يا روز ،
    تسلم ايديك ..

    دمتِ بكل الخير .

    ردحذف
  4. Doctora Heba
    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
    ميرسى ليكى والحمدلله ان القصه عجبتك
    انا كمان من عشاق البحر
    بس انا بحبه وقت الغروب اوى اوى
    بحبه جدا والقمر كمان ^_^
    اما بالنسبه للاخطاء فهى اخطاء كتابه
    وميرسى ليكى انك نبهتينى
    نورتى المدونه كلها بتعليقك

    ردحذف
  5. Casper
    ميرسى ليك
    نورت المدونه

    ردحذف
  6. زهرة نيسان
    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
    ميرسى ليكى
    نورتى المدونه

    ردحذف